في ذكر ثواب من غض بصره عن الحرام


تفسير

رقم الحديث : 314

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ , قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الْوَرَثَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَارِسْتَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَلَّبِ السَّائِحُ ، قَالَ : رَأَيْتُ بَيْنَ الثَّعْلَبِيَةِ وَالْخُزَيْمِيَّةِ غُلامًا قَائِمًا يُصَلِّي قَدِ انْقَطَعَ عَنِ النَّاسِ ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَطَعَ صَلاتَهُ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : مَا مَعَكَ مُؤْنِسٌ ، قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : أَمَامِي ، وَمَعِي ، وَخَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي ، وَعَنْ شِمَالِي ، وَفَوْقِي , فَعَلِمْتُ أَنَّ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ . فَقُلْتُ : أَمَا مَعَكَ زَادٌ ، قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : الإِخْلاصُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالتَّوْحِيدُ لَهُ ، وَالإِقْرَارُ بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِيمَانٌ صَادِقٌ ، وَتَوَكُّلٌ وَاثِقٌ ، قُلْتُ : هَلْ لَكَ فِي مُرَافَقَتِي ؟ قَالَ : الرَّفِيقُ يُشْغِلُ عَنِ اللَّهِ ، وَلا أُحِبُّ أَنْ أُرَافِقَ أَحَدًا فَأَشْتَغِلُ بِهِ عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، قُلْتُ : أَمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هَذِهِ الْبَرِيَّةِ وَحْدَكَ ، فَقَالَ : إِنَّ الأُنْسَ بِاللَّهِ قَطَعَ عَنِّي كُلَّ وَحْشَةٍ ، حَتَّى لَوْ كُنْتُ بَيْنَ السِّبَاعِ مَا خِفْتُهَا ، وَلا اسْتَوْحَشْتُ مِنْهَا ، قُلْتُ : فَمِنْ أَيْنَ تَأْكُلُ ؟ فَقَالَ : الَّذِي غَذَّانِي فِي ظُلَمِ الأَرْحَامِ صَغِيرًا ، قَدْ تَكَفَّلَ بِرِزْقِي كَبِيرًا ، قُلْتُ : فَفِي أَيِّ وَقْتٍ تَجِيئُكَ الأَسْبَابُ ، فَقَالَ لِي : جَدٌ مَعْلُومٌ ، وَوَقْتٌ مَفْهُومٌ ، إِذَا احْتَجْتُ إِلَى الطَّعَامِ أَصَبْتُهُ فِي أَيِ مَوْضِعٍ كُنْتُ ، وَقَدْ عَلِمَ مَا يُصْلِحُنِي ، وَهُوَ غَيْرُ غَافِلٍ عَنِّي ، قُلْتُ : أَلَكَ حَاجَةً ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : إِذَا رَأَيْتَنِي فَلا تُكَلِّمُنِي ، وَلا تُعْلِمُ أَحَدًا أَنَّكَ تَعْرِفُنِي ، قُلْتُ : لَكَ ذَاكَ ، فَهَلْ حَاجَةٌ غَيْرُهَا ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : إِنِ اسْتَطَعْتَ لا تَنْسَانِي فِي دُعَائِكِ وَعِنْدَ الشَّدَائِدِ إِذَا نَزَلَتْ بِكَ فَافْعَلْ ، قُلْتُ : كَيْفَ يَدْعُو مِثْلِي لِمِثْلِكَ ، وَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي خَوْفًا وَتَوَكُّلا ، قَالَ : لا تَقُلْ هَذَا إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلِي ، وَلَكَ حَقُّ الإِسْلامِ وَمَعْرِفَةُ الإِيمَانِ ، قُلْتُ : فَإِنَّ لِي أَيْضًا حَاجَةً ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْتُ : ادْعُ اللَّهَ لِي ، فَقَالَ حَجَبَ اللَّهُ طَرْفَكَ عَنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ ، وَأَلْهَمَ قَلْبَكَ الْفِكْرَ فِيمَا يُرْضِيهِ حَتَّى لا يَكُونُ لَكَ هَمٌّ إِلا هُوَ ، قُلْتُ : يَا حَبِيبِي مَتَى أَلْقَاكَ ؟ وَأَيْنَ أَطْلُبُكَ ؟ فَقَالَ : أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَلا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِلَقَائِي فِيهَا ، وَأَمَّا الآخِرَةُ فَإِنَّهَا مَجْمَعُ الْمُتَّقِينَ ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُخَالِفَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكَ ، وَنَدَبَكَ إِلَيْهِ ، فَإِنْ كُنْتَ تَبْغِي لِقَائِي فَاطْلُبْنِي مَعَ النَّاظِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي زُمْرَتِهِمْ ، قُلْتُ : وَكَيْفَ عَلِمْتَ ذَاكَ ، قَالَ : بِغَضِّ طَرْفِي لَهُ عَنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ ، وَاجْتِنَابِي فِيهِ كُلَّ مُنْكَرٍ وَمَأْثَمٍ ، وَقَدْ سَأَلْتُهُ أَنْ يَجْعَلَ جَنَّتِي النَّظَرَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ صَاحَ وَاقْبَلَ يَسْعَى حَتَّى غَابَ عَنْ بَصَرِي , فَتَفَهَّمْ يَا أَخِي مَا أُوصِيكَ بِهِ ، إِنَّمَا بَصَرُكَ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْكَ فَلا تَعْصِهِ بِنِعَمِهِ ، وَعَامِلْهُ بِغَضِّهِ عَنِ الْحَرَامِ ، تَرْبَحْ ، وَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ سَلْبَ تِلْكَ النِّعْمَةِ ، وَكُلُّ زَمَنِ الْجِهَادِ فِي الْغَضِّ لَحْظَةٌ ، فَإِنْ فَعَلْتَ نِلْتَ الْخَيْرَ الْجَزِيلَ ، وَسَلِمْتَ مِنَ الشَّرِّ الطَّوِيلِ ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الْقَائِلِ : إِنِّي إِذَا ذَلَّ الْحَرِيصُ عَزَزْتُ فِي ظِلِّ الْقَنَاعَهْ وَأَقُولُ لِلْنَفْسِ اطْمَئِنِّي فَالشَّجَاعَةُ صَبْرُ سَاعَهْ . وَقَالَ الآخَرُ : لَيْسَ الشُّجَاعُ الَّذِي يَحْمِي مَطِيَّتَهُ يَوْمَ النِّزَالِ وَنَارُ الْحَرْبِ تَشْتَعِلُ لَكِنَّ فَتًى غَضَّ طَرْفًا أَوْ ثَنَى بَصَرًا عَنِ الْحَرَامِ فَذَاكَ الْفَارِسُ الْبَطَلُ . وَقَالَ الآخَرُ : صَبَرْتُ عَنِ اللَّذَّاتِ حَتَّى تَوَلَّتِ وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي صَبْرَهَا فَاسْتَمَرَّتِ وَكَانَتْ عَلَى الأَيَّامِ نَفْسِي عَزِيزَةٌ فَلَمَّا رَأَتْ صَبْرِي عَلَى الذُّلِّ ذَلَّتِ وَمَا النَّفْسُ إِلا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى فَإِنْ أُطْمِعَتْ تَاقَتْ وَإِلا تَسَلَّتِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.