قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكِيمُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ مُزَيْنَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : هَوِيتُ جَارِيَةً مِنَ الْعَرَبِ ذَاتَ جَمَالٍ وَكَمَالٍ ، وَأَنَا إِذْ ذَاكَ لا أُرَعُ عَنْ شَيْءٍ أُرِيدُهُ ، فَمَكَثْتُ حِينًا أُرْسِلُ إِلَيْهَا ، وَتُرْسِلُ إِلَيَّ ، فَلَمَّا تَطَاوَلَتِ الأَيَّامُ أَرْسَلْتُ إِلَيْهَا ، أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَبْلَغَ مِنَ الاجْتِمَاعِ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ : الْمَوْعِدُ ؟ فَقُلْتُ : لَيْلَةَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ خَرَجَتْ ، وَخَرَجْتُ ، فَالْتَقَيْنَا ، وَجَلَسْتُ أَشْكُو إِلَيْهَا ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ ، وَقَفَ شَيْخٌ عَلَيْنَا ، فَسَلَّمَ فَرَدَدْتُ السَّلامَ ، فَقَالَ : مَا جُلُوسُكَ هَهُنَا ؟ قُلْتُ : حَاجَةً لِي ، فَقَالَ : وَمَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ ؟ قُلْتُ : بَعْضُ أَهْلِي ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ تُخْرِجُهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ ، قُلْتُ : حَاجَةٌ عَرَضَتْ ، فَقَالَ لِي : يَا هَذَا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ، قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ سورة الجاثية آية 21 وَتَلا الآيَةَ , فَإِيَّاكَ يَا هَذَا أَنْ تَكُونَ لِلْسَيِّئَاتِ مُجْتَرِحًا ، فَإِنَّ اللَّهَ مُسَائِلُ كُلَّ نَفْسٍ عَمَّا عَمِلَتْ ، فَإِيَّاكَ لا يَفْضَحْكَ عِنْدَ السُّؤَالِ ، إِذْ لا عُذْرَ لَكَ ، ثُمَّ قَالَ : قُومَا ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ، فَقُمْنَا وَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْطُوَ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْهُ ، وَشِدَّةِ هَيْبَتِهِ ، فَلَمَّا تَوَلَّيْتُ ، قَالَ : انْظُرْ مَا أَوْصَيْتُكَ بِهِ ، فَإِنَّهُ مَعَكَ ، وَهُوَ يَرَاكَ حَيْثُ كُنْتَ ، ثُمَّ مَضَى ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : اللَّهُمَّ اعْصِمْهُمَا حَتَّى لا يَعْصِيَاكَ ، وَكَأَنَّمَا فَرَغَ مِنْ قَلْبِي مَا كُنْتُ أَجِدُ ، فَأَتَيْتُ وَعَزَمْتُ عَلَى هَجْرِهَا ، فَأَتَانِي رَسُولُهَا بِالسَّلامِ ، فَقُلْتُ لَهُ : لا تَعُدْ إِلَيَّ بَعْدَ الْيَوْمِ ، فَلَمَّا بَلَّغَهَا الرَّسُولُ ذَلِكَ ، كَتَبَتْ إِلَيَّ هَذَا الشِّعْرَ : إِنِّي تَوَهَّمْتُ أَمْرًا لا أُحَقِّقُهُ وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ الظَّنِّ تَغْرِيرَا فَإِنْ يَكُنْ مَا ظَنَنْتُ الْيَوْمَ يَا سَكَنِي حَقًّا فَقَدْ طَالَ تَعْذِيبِي وَتَفْكِيرِي فَلَمَّا قَرَأْتُهُ كَتَبْتُ إِلَيْهَا : يَا مَنْ تَوَهَّمَ أَنِّي مِثْلَ مَا عَهِدَتْ لا تُكْذَبِي لَسْتُ عِنْدَ الظَّنِّ وَالأَمَلِ إِنِّي أَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ يَلْحَقُنِي وَأَنْ يُقَرِّبَنِي حَتْفِي مِنَ الأَجَلِ فَكَذِّبِي الظَّنَّ فِينَا وَاسْلُكِي سُبُلا نَقِفْكِ بَعْدَ الْهَوَى مِنَّا عَلَى الْعَمَلِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |