باب ذكر حج نبينا صلى الله عليه وسلم


تفسير

رقم الحديث : 217

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ ، أَخْبَرَنَا أحْمدُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَنْبَأنَا أَبُو نُعَيْمِ الأَصْفَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْجَرْمِيُّ النَّحْوِيُّ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ ، قَالَ : حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدُ فَأَتَانِي ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعًا ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ لأَتَيْتُكَ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ، قَدْ حَاكَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ ، فَانْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلُهُ . فَقُلْتَ هُنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ . فَقَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ ذَا ؟ فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا . فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ لأَتَيْتُكَ ، فَقَالَ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَحَدَّثَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : عَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ : اقْضِ دَيْنَهُ . فَلَمَّا خَرَجْنَا مَنْ عِنْدِهِ ، قَالَ : مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا ، انْظُرْ لِي رَجُلا أَسْأَلْهُ ، فَقُلْتُ : هَاهُنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا جَرَى لَهُ مَعَ سُفْيَانَ . قُلْتُ : هَاهُنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، قَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَتْلُو آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ يُرَدِّدُهَا ، قَالَ : اقْرَعِ الْبَابَ ، فَقَرَعْتُهُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : مَا لِي وَلأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَوَ مَا عَلَيْكَ طَاعَتُهُ ؟ فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ ، ثُمَّ ارْتَقَى إِلَى الْغُرْفَةِ وَأَطْفَأَ السِّرَاجَ ، ثُمَّ الْتَجَأَ إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْبَيْتِ ، فَدَخَلْنَا فَجَعَلْنَا نَجُولُ عَلَيْهِ بِأَيْدِينَا فَسَبَقَتْ كَفُّ هَارُونَ قَبْلِي إِلَيْهِ . فَقَالَ : يَا لَهَا مَنْ كَفٍّ مَا أَلْيَنَهَا إِنْ نَجَتْ غَدًا مَنْ عَذَابِ اللَّهِ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَيُكَلِّمَنَّهُ اللَّيْلَةَ بِكَلامٍ نَقِيٍّ مِنْ قَلْبٍ تَقِيٍّ . فَقَالَ لَهُ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ : إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلافَةَ دَعَا سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ ، وَرَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي قَدِ ابْتُلِيتُ بِهَذَا الْبَلاءِ ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ ، فَعَدَّ الْخِلافَةَ بَلاءً ، وَعَدَدْتَهَا أَنْتَ وَأَصْحَابَكَ نِعْمَةً . فَقَالَ لَهُ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ مَنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فصُمْعَنِ الدُّنْيَا ، وَلَيْكُنْ إِفْطَارُكَ مِنْهَا الْمَوْتُ . وَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ غَدًا ، فَلَيَكُنْ كَبِيرُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَكَ أَبًا ، وَأَوْسَطُهُمْ أَخًا ، وَأَصْغَرُهُمْ وَلَدًا ، فَوَقِّرْ أَبَاكَ ، وَأَكْرِمْ أَخَاكَ ، وَتَحَنَّنْ عَلَى وَلَدِكَ . وَقَالَ لَهُ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، فَأَحِبِّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ ، ثُمَّ مِتْ إِذَا شِئْتَ . وَإِنِّي أَقُولُ لَكَ ، إِنَّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَشَدَّ الْخَوْفِ يَوْمًا تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ ، فَهَلْ مَعَكَ رَحِمَكَ اللَّهُ مَنْ يُشِيرُ عَلَيْكَ بِمِثْلِ هَذَا ؟ فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى غُشِّيَ عَلَيْهِ ، فَقُلْتَ لَهُ : ارْفُقْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : تَقْتُلُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ ، وَأَرْفُقُ بِهِ أَنَا ، ثُمَّ أَفَاقَ . فَقَالَ لَهُ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلَغَنِي أَنَّ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الَعْزِيزِ شُكِيَ إِلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : يَا أَخِي ، أُذَكِّرُكَ طُولَ سَهَرِ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ مَعَ خُلُودِ الأَبَدِ ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَنْصَرِفَ بِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَكُونَ آخِرَ الْعَهْدِ وَانْقِطَاعِ الرَّجَاءِ . فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ طَوَى الْبِلادَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ ، فَقَالَ لَهُ : مَا أَقْدَمَكَ ؟ قَالَ : خَلَعْتَ قَلْبِي بِكِتَابِكَ ، لا أَعُودُ إِلَى وِلايَةٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الْعَبَّاسَ عَمَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِّرْنِي عَلَى إِمَارَةٍ ، فَقَالَ لَهُ : " إِنَّ الإِمَارَةَ حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا تَكُونَ أَمِيرًا فَافْعَلْ " . فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ، فَقَالَ لَهُ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ لَهُ : يَا حَسَنَ الْوَجْهِ ، أَنْتَ الَّذِي يَسْأَلُكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ هَذَا الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقِيَ هَذَا الْوَجْهَ مِنَ النَّارِ فَافْعَلْ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ ، وَفِي قَلْبِكَ غِشًّا لأَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِكَ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَصْبَحَ لَهُمْ غَاشًّا لَمْ يَرْحَ رِيحَ الْجَنَّةِ " . فَبَكَى هَارُونُ ، وَقَالَ لَهُ : عَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دَيْنٌ لِرَبِّي لَمْ يُحَاسِبْنِي عَلَيْهِ ، فَالْوَيْلُ لِي إِنْ سَأَلَنِي ، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ نَاقَشَنِي ، وَالْوَيْلُ لَي إِنْ لَمْ أُلْهَمْ حُجَّتِي . قَالَ : إِنَّمَا أَعْنِي مِنْ دَيْنِ الْعِبَادَ . قَالَ : إِنَّ رَبِّيَ لَمْ يَأْمُرْنِي بِهَذَا ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ سورة الذاريات آية 58 . فَقَالَ لَهُ : هَذِهِ أَلْفُ دِينَارٍ ، خُذْهَا فَأَنْفِقْهَا عَلَى عِيَالِكَ وَتَقَوَّ بِهَا عَلَى عِبَادَتِكَ . فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى طَرِيقِ النَّجَاةِ ، وَأَنْتَ تُكَافِئُنِي بِمِثْلِ هَذَا ، سَلَّمَكَ اللَّهُ وَوَفَّقَكَ . ثُمَّ صَمَتَ فَلَمْ يُكَلِّمْنَا ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَمَّا صِرْنَا عَلَى الْبَابِ ، قَالَ هَارُونُ : إِذَا دَلَلْتَنِي عَلَى رَجُلٍ فَدُلَّنِي عَلَى مِثْلِ هَذَا ، هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ . فَدَخَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ ، فَقَالَتْ : يَا هَذَا ، قَدْ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ ، فَلَوْ قَبِلْتَ هَذَا الْمَالَ فَتَفَرَّجْنَا بِهِ . فَقَالَ لَهَا : مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانَ لَهُمْ بَعِيرٌ يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِ ، فَلَمَّا كَبُرَ نَحَرُوهُ فَأَكَلُوا لَحْمَهُ . فَلَمَّا سَمِعَ هَارُونُ هَذَا الْكَلامَ ، قَالَ : نَدْخُلُ فَعَسَى يَقْبَلُ الْمَالَ ، فَلَمَّا عَلِمَ الْفُضَيْلُ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي السُّطْحِ عَلَى بَابِ الْغُرْفَةِ ، فَجَاءَ هَارُونُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَلا يُجِيبُهُ . فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ ، فَقَالَتْ : يَا هَذَا قَدْ آذَيْتَ الشّيْخَ مُنْذُ اللَّيْلَةَ ، فَانْصَرِفْ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَانْصَرَفْنَا .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.