أَنْبَأنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ التُّونِيِّ ، أَنْبَأنَا عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ ، أَنْبَأنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي قَيْسٍ ، أَنْبَأنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ كُلَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَصِيبِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَالِمٌ الأَفْطَسُ ، قَالَ : قَدِمَتْ رَسُلُ الرُّومِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَقَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْكُمْ إِذَا مَلَّكْتُمْ مُلُوكَكُمْ ؟ قَالُوا : إِذَا مَلَّكْنَا الرَّجُلَ ، فَقَعَدَ ، غَدَا عَلَيْهِ الْحَافِرُ صَلاةَ الْغَدَاةِ ، فَيَقُولُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ كَانَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسَهُ , غَدَوْتُ عَلَيْهِ , فَيَأْمُرُنِي كَيْفَ اتُّخِذَ قَبْرُهُ ، فَيَكُبُّوا لَهَا مَلِيًّا ، ثُمَّ يَقُولُ : انْطَلِقْ فَاجْعَلْهُ كَذَا وَكَذَا ، فَإِذَا جَاءَ مِنَ الْغَدِ ، غَدَا صَاحِبُ الأَكْفَانِ ، فَيَقُولُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ، إِنَّهُ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسَهُ ، غَدَوْتُ عَلَيْهِ ، فَيَأْخُذَ أَكْفَانَهُ ، فَيَكُبُّوا لَهَا سَاعَةً ، ثُمَّ يَأْخُذُهَا فَيَجْعَلُهَا فِي سَفَطٍ ، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ ، غَدَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَنُوطِ ، فَيَقُولُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ، إِنَّهُ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسَهُ ، غَدَوْتُ عَلَيْهِ ، فَيَأَخْذُ حَنُوطَهُ ، فَيَكُبُّوا لَهَا سَاعَةً ، ثُمَّ يَقُولُ : هَاتِهِ ، فَيَجْعَلُهُ فِي سَفَطٍ بَيْنَ عَيْنَيْهِ هُوَ وَالأَكْفَانُ وَقَدْ فَرَغَ مِنْ قَبْرِهِ . قَالَ عُمَرُ : هَذَا لِمَنْ لا يَرْجُو اللَّهَ ، ثُمَّ سَقَطَ عَنْ فِرَاشِهِ ، فَمَا رُئِيَ عَلَى فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ : " لا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ ، وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ لِطُولِ الأَمَلِ ، وَيَقُولُ فِي الدُّنْيَا قَوْلَ الزَّاهِدِينَ ، وَيَعْمَلُ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ ، وَيُقِيمَ عَلَى مَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ لَهُ ، إِنْ سَقِمَ ظَلَّ نَادِمًا ، وَإِنْ صَحَّ قَامَ لاهِيًا ، تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ ، وَلا يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ " . وَقَالَ فِي ذَمِّ الدُّنْيَا : أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَآخِرُهَا فَنَاءٌ ، مَنْ صَحَّ فِيهَا أَمِنَ ، وَمَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ ، وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ ، وَمَنْ بَطِرَ بِهَا بَصُرَتْهُ . وَقَالَ : إِنِّي لأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونُ ذَنْبٌ أَعْظَمَ مِنْ عَفْوِي ، أَوْ جَهْلٌ أَعْظَمَ مِنْ حِلْمِي ، أَوْ عَوْرَةٌ لا يُوَارِيهَا سَتْرِي ، أَوْ خُلَّةٌ لا يَسُدُّهَا جُودِي ، وَقَالَ : إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدِوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْرَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ . وَقَالَ : إِنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَارًا ، وَمُرَبُّونَ اقْتِسَارًا ، وَمَضْمُنُونَ أَجْدَاثًا ، وَكَامِنُونَ رُفَاتًا ، وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَادًا ، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا اقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ ، وَوَجِلَ فَعَمِلَ ، وَحَاذَرَ فَبَادَرَ ، وَعَمَّرَ فَاعْتَبَرَ ، وَتَأَهَّبَ لِلْمَعَادِ ، وَاسْتَظْهَرَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ رَحِيلِهِ ، وَوَجْهِ سَبِيلِهِ ، وَحَالِ حَاجَتِهِ وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ ، فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ عَضَارَةِ الشَّبَابِ إِلا حَوَانِيَ الْهَرَمِ ، وَأَهْلُ نَضَاضَةِ الصِّحَّةِ إِلا نَوَازِلَ السَّقَمِ . وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ : إِنَّكُمْ فِي مَمَرٍّ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، فَي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ ، وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً ، فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رِبْحَهُ ، وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا فَيُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ مَدَامَةً . وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ، يَقُولُ : مَا لِي أَرَاكُمْ تَبْنُونَ مَا لا تَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لا تَأْكُلُونَ ، وَتَأْمَلُونَ مَا لا تُدْرِكُونَ ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَنَوْا شَدِيدًا ، وَجَمَعُوا كَثِيرًا ، وَأَمِلُوا بَعِيدًا ، فَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا ، وَجَمْعُهُمْ بُورًا ، وَمَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا ، كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا ، وَبِالدَّهْرِ مُفَرِّقًا ، الْيَوْمَ فِي الدُّورِ ، وَغَدًا فِي الْقُبُورِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |