أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْعَلافِ ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَنِ الْحَمَامِيُّ ، أَنْبَأنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّوَّافِ ، أَنْبَأنَا بَشِيرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدِ بْنُ عِنَبَةَ ، قَالَ : كَتَبَ الأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَخٍ لَهُ : أَمَّا بَعْدُ . فَإِنَّهُ قَدْ أُحِيطَ بِكَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسَارُ بِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَاحْذَرِ اللَّهَ وَالْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِكَ بِهِ ، وَالسَّلامُ . وَكَتَبَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِلَى أَخٍ لَهُ : أَمَّا بَعْدُ . . فَإِنَّ الدُّنْيَا حُلْمٌ ، وَالآخِرَةُ يَقَظَةٌ ، وَالْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا الْمَوْتُ ، وَنَحْنُ فِي أَضْغَاثٍ ، وَالسَّلامُ . وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ : أَعَيْنَيَّ هَلا تَبْكِيَانِ عَلَى عُمُرِي تَنَاثَرَ عُمُرِي مِنْ يَدَيَّ وَلا أَدْرِي إِذَا كُنْتُ قَدْ جَاوَزْتُ خَمْسِينَ حِجَّةً وَلَمْ أَتَأَهَّبْ لِلْمَعَادِ فَمَا عُذْرِي وَأَنْشَدَ آخَرُ : تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ رَاحِلُ وَبَادِرْ فَإِنَّ الْمَوْتَ لا شَكَّ نَازِلُ وَإِنَّ امْرَءًا قَدْ عَاشَ خَمْسِينَ حِجَّةً وَلَمْ يَتَزَوَّدْ لِلْمَعَادِ لَجَاهِلُ وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ : أَحَدٌ وَستِوُّنَ لَوْ مَرَّتْ عَلَى حَجَرٍ لَكَانَ مِنْ حُكْمِهَا أَنْ يَخْلَقَ الْحَجَرُ تُؤَمِّلُ النَّفْسُ آمَالا لِتَبْلُغَهَا كَأَنَّهَا لا تَرَى مَا يَصْنَعُ الْقَدَرُ وَأَنْشَدُوا : رُوَيْدَكَ يَا ذَا الْقَصْرِ فِي شُرُفَاتِهِ فَإِنَّكَ عَنْهُ تُسْتَحَثُّ وَتُزْعَجُ وَلا بُدَّ مِنْ بَيْتِ انْقِطَاعٍ وَوَحْشَةٍ وَإِنْ غَرَّكَ الْبَيْتُ الأَنِيقُ الْمُدْبَجُ وَقِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مَوْتِهِ : اعْهَدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : أُحَذِّرُكُمْ مَصْرَعِي هَذَا فَإِنَّهُ لا بُدَّ لَكُمْ مِنْهُ ، وَإِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي قَبْرِي فَانْزَعُوا عَنِّي لِينَهُ ، وَانْظُرُوا مَا لَحِقَنِي مِنْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ . وَوَعَظَ رَجُلٌ بَعْضَ الْمُلُوكِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَنْ لَوْ لَمْ تُخْلَقْ إِلا أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُ الْمَوْتِ مِنْ بَابِ بَيْتِكَ . وَمِنْ كَلامِ الْحُكَمَاءِ الْمَنْثُورِ : الظُّلْمُ أَدْعَى شَيْءٍ إِلَى تَغَيُّرِ النِّعْمَةِ . مَنِ انْتَجَعَكَ مُؤَمِّلا لَكَ فَقَدْ أَسْلَفَكَ حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ . الْجُودُ حَارِسُ الأَعْرَاضِ . الْحِلْمُ فِدَامُ السَّفِيهِ . الْعَفْوُ زَكَاةُ الْعَقْلِ . الْوَفَاءُ أُنْسُكَ مِمَّنْ نَكَثَ . الصَّبْرُ يُنَاضِلُ الْحَدَثَانِ ، وَالْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ . مَنْ لَمْ يَعْصَ عَلَى الْقِدَا لَمْ يَرْضَ أَبَدًا . أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ . بِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ تَقْهَرُ الْمُنَاوِي . الْمُطَاوِعُ فِي وَثَاقِ الذُّلِ . أَبْدَانُ الْمُلُوكِ تَعِبَةٌ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا . وَكُلَّمَا حَصَلُوا عَلَى حُلَّةٍ رَامُوا الَّتِي تَلِيهَا ، فَلا اسْتَرَاحُوا ، وَلا بَقُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشُّغُلِ ، حَتَّى أَتَى الْمَوْتُ فَاسْتَلَبَهُمْ عَلَى وِزْرِ الْمَظَالِمِ ، وَطُولِ الْوُقُوفِ لِلْقَصَّاصِ . مَنْ ظَلَمَ يَتِيمًا ظَلَمَ أَوْلادَهُ . مَنْ أَحَبَّ نَفْسَهُ اجْتَنَبَ الآثَامَ . مَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ أُغْمِدَ فِي رَأْسِهِ ، وَالسَّعِيدُ مَنِ اعْتَبَرَ بِأَمْسِهِ وَاسْتَظْهَرَ لِنَفْسِهِ ، وَالشَّقِيُّ مَنْ جَمَعَ لِغَيْرِهِ ، وَبَخِلَ عَلَى نَفْسِهِ . أَيْدِي الْعُقُولِ تُمْسِكُ أَعِنَّةَ النُّفُوسِ . أَنْفَاسُ الْحَيِّ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ ، وَالأَمَانِيُّ تُعْمِي الْبَصَائِرَ ، وَمَنْ شَارَكَ السُّلْطَانَ فِي عِزِّ الدُّنْيَا شَارَكَهُ فِي ذُلِّ الآخِرَةِ . الدَّهْرُ سَرِيعُ الْوَثْبَةِ ، شَفِيعُ الْعَثْرَةِ . أَهْلُ الدُّنْيَا رَكْبٌ يُسَارُ بِهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ ، وَالْمَرْءُ نَهْبُ الْحَوَادِثِ وَأَسِيرُ الاغْتِرَابِ . الْفُرَصُ سَرِيعَةُ الْفَوْتِ بَعِيدَةُ الْعَوْدَةِ . الأَيَّامُ صَحَائِفُ الأَعْمَارِ فَقَلِّدُوهَا أَحْسَنَ الأَعْمَالِ . دَوَامُ الذِّكْرِ لِحُسْنِ السِّيَرِ . لا تَقُلْ فِي السِّرِّ مَا تَسْتَحِي أَنْ تَذْكُرَهُ فِي الْعَلانِيَةِ . الْحِدَّةُ وَالنَّدَامَةُ فَرَسَا رِهَانٍ . مَنْ لَمْ يَكِسْ وُكِسَ . السَّفَهُ نِتَاجُ الإِنْسَانِ . مُعَاشَرَةُ ذَوِي الأَلْبَابِ عِمَارَةُ الْقُلُوبِ . وَمَنْ عَرَفَ تَصَرُّفَ الأَيَّامِ لَمْ يَغْفُلْ عَنِ الاسْتِعْدَادِ . الْمَنِيَّةُ تَضْحَكُ مِنَ الأُمْنِيَةِ . بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ . تَاجُ الْمَلِكِ عَفَافُهُ ، وَحِصْنُهُ إِنْصَافُهُ ، وَصَلاحُهُ كَفَافُهُ . إِذَا عُدِمَ الإِخْلاصُ فِي الأَعْمَالِ فَهِيَ تَعَبٌ ضَائِعٌ . وَمَنْ لَمْ يَتَفَكَّرْ فِي نَفْسِهِ ، وَمَا يُرَادُ بِهِ ، وَإِلَى أَيْنَ يُذْهَبُ بِهِ ، فَقَدْ حُرِمَ مَعْنَى الإِنْسَانِيَّةِ ، وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ فَقَدْ حُرِمَ التَّوْفِيقَ ، وَمَنْ لَمْ يَنْهَبْ زَمَانَهُ بِكَفِّ الاسْتِلابِ ، فَمَا عَرَفَ الدَّهْرَ . إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الْهُدَى فَيَسِيرُ الْمَوَاعِظِ يُقْنِعُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ النُّزْهَةَ فَالْكَثِيرُ لا يَكْفِي وَلا يَنْجَعُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |