أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ ، أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بْنَ نَاصِرٍ السَّلامِيَّ ، حَدَّثَهُمْ مِنْ لَفْظِهِ ، أَنْبَأَ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ الْأَنْبَارِيُّ بِبَغْدَادَ ، أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ الْحُسَيْنِ بْنُ بُرْهَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ الأَنْبَارِيُّ بِالْفُسْطَاطِ ، ثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِرَاكٍ ، قَالَ : كَانَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ حَمْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّيرَوَانِيُّ ، عِنْدِي جَالِسًا بَيْنَ التَّوَابِيتِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَبْكِي وَيَصِيحُ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ قِصَّتِهِ ؟ فَقَالَ : اشْتَرَيْتُ رِدَاءَ شُرْبٍ بِدِينَارَيْنِ وَنِصْفٍ ، وَاسْتَسْلَفْتُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ ، أُنْفِقُهَا عَلَى صِبْيَانِي فِي الْعِيدِ ، فَرَبَطْتُهَا فِي طَرْفِ الرِّدَاءِ ، وَدَخَلْتُ مَيْضَاةَ بَدْرٍ ، أَتَوَضَّأُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ ، فَلَفَفْتُ رِدَائِي وَتَرَكْتُهُ عَلَى الْحَنِيَّةِ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ غَسْلِ رِجْلِي وَجَدْتُ الرِّدَاءَ قَدْ سُرِقَ ، وَأَعْظَمُ مَا عَلَيَّ الدَّيْنُ ، وَعِيدٌ مُقْبِلٌ عَلَيَّ ، وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَلْتَطِمُ ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ الشَّيْخُ السِّيرَوَانِيُّ ، وَكَانَ جَالِسًا عَلَى شِمَالِي ، فَقَالَ لِي : يَا أَبَا حَفْصٍ ، تَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : وَهُوَ مَسْتُورٌ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : اجْلِسْ يَا رَجُلُ ، الرِّدَاءُ يَجِيئُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقُلْتُ أَنَا لِلرَّجُلِ : اجْلِسْ ، فَجَلَسَ بِحِذَائِنَا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، فَاجْتَمَعَ الشَّيْخُ ، وَدَعَا بِدُعَاءٍ لَمْ أَسْمَعْهُ ، ثُمَّ جَلَسَ قَلِيلًا ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ طَرَفِ التَّوَابِيتِ ، وَوَقَفَ عِنْدَ مُصْحَفِ أَسْمَاءَ ، وَصَاحَ : أَيْنَ ذَا الرَّجُلِ الَّذِي تَلِفَ رِدَاؤُهُ ؟ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : هُوَ ذَا هُوَ ، فَنَاوَلَهُ الرَّجُلُ الرِّدَاءَ فَأَخَذَهُ وَجَاءَ إِلَيْنَا وَجَلَسَ ، فَحَلَّ عُقْدَةً مِنْ طَرَفِ الرِّدَاءِ ، فَإِذَا فِيهَا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ ، كَمَا قَالَ ، وَمَضَى الرَّجُلُ . فقلت للشيخ قد رأيتك دعوت ، فبم دعوت ؟ قَالَ : دَعَوْتُ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ، عَلَّمَنِيهِ أُسْتَاذِي إِبْرَاهِيمُ الْخَوَّاصُ ، فَقُلْتُ : عَلِّمْنِي إِيَّاهُ ، فَتَأَنَّى قَلِيلًا ثُمَّ ، قَالَ : أَفْعَلُ وَكَرَامَةً . فَقَالَ قُلْ : " اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَحْرَزْتُ نَفْسِي بِالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَى الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، نِعْمَ الْقَادِرُ ، سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |