باب العقيقة وغيرها


تفسير

رقم الحديث : 958

وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ أَيْضًا ، مِنْ رِوَايَةِ رَجُلٍ مِنْ آلِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عُقُّوا عَنِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ ، وَسَمُّوهُ يَوْمَ سَابِعِهِ ، وَاحْلِقُوا رَأْسَهُ يَوْمَ سَابِعِهِ " وَبِهَذَا قَالَ : الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَمَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَغَيْرُهُمْ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلا بَأْسَ أَنْ يُسَمَّى قَبْلَهُ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، وَقَتَادَةُ وَالأَوْزَاعِيُّ ، إذَا وُلِدَ وَقَدْ تَمَّ خَلْقُهُ سَمَّى فِي الْوَقْتِ إنْ شَاءُوا ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : تَسْمِيَتُهُ يَوْمَ السَّابِعِ حَسَنٌ ، وَمَتَى شَاءَ سَمَّاهُ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلامٌ فَسَمَّيْته بِاسْمِ أَبِي إبْرَاهِيمَ " ، وَسَمَّى الْغُلامَ الَّذِي جَاءَ بِهِ أَنَسٌ لَمَّا حَنَّكَهُ عَبْدُ اللَّهِ . قُلْتُ : ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ عَقِبَ وِلادَتِهِ , ولَكِنْ فِي رِوَايَةٍ : أَنَّهُ إنَّمَا جِيءَ بِهِ إلَيْهِ يَوْمَ السَّابِعِ رَوَاهَا أَبُو يَعْلَى ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ يُسَمَّى يَوْمَ وِلادَتِهِ ، فَإِنْ أُخِّرَتْ تَسْمِيَتُهُ إلَى السَّابِعِ فَحَسَنٌ ، وَقَالَ ابْنُ الْمُهَلِّبِ : يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ حِينَ يُولَدُ وَبَعْدَهُ إلا أَنْ يَنْوِيَ الْعَقِيقَةَ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ ، فَالسُّنَّةُ تَأْخِيرُهَا إلَى السَّابِعِ ، وَأُخِذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي تَبْوِيبِهِ : بَابُ تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُ لِمَنْ لَمْ يَعُقَّ ، قَالَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ يُسَمَّى حِينَ الْوِلادَةِ يُمْكِنُ ، أَنْ يَقُولَ : إنَّ قَوْلَهُ وَيُسَمَّى مَعْنَاهُ : وَيُسَمَّى عِنْدَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ ، فَيُقَالُ : هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلانٍ ، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُعَقُّ عَنِ الْغُلامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ، " وَقَالَ : اذْبَحُوا عَلَى اسْمِهِ ، وَقُولُوا : اللَّهُمَّ لَك وَإِلَيْك هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلانٍ . قَالَتْ : وَعَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ شَاتَانِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ ، وَقَالَ : " اذْبَحُوا عَلَى اسْمِهِ " . الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ فِي كِتَابِ الأَضَاحِيِّ وَالْعَقِيقَةِ ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ . انْتَهَى . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا ، بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ ، وَهَذَا الاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَالِدِي غَرِيبٌ . الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَوْله فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ " وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رُءُوسِهِمَا الأَذَى " . أَيْ : يُحْلَقُ الشَّعْرُ ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : إمَاطَةُ الأَذَى حَلْقُ الرَّأْسِ . وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ ، أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ سُئِلَ عَنِ الأَذَى ، فَقَالَ : الشَّعْرُ ، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ : يَا فَاطِمَةُ ، احْلِقِي رَأْسَهُ . وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ : يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ . وَكَذَا حَكَى أَبُو عُبَيْدٍ ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ : أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَاطَةِ الأَذَى حَلْقُ الرَّأْسِ ، أَيْ : شَعْرِهِ ، وَظَاهِرُهُ : أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ يَوْمَ السَّابِعِ أَيْضًا ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ حَلْقِ رَأْسِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ السَّابِعِ ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ ، وَالْحَنَابِلَةُ ، وَمِنَ الْمَالِكِيَّةِ : ابْنُ حَبِيبٍ ، وَابْنُ شَعْبَانَ ، وَغَيْرُهُمَا ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ ، وَابْنُ حَزْمٍ ، وَجَوَّزَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ : وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى . أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إمَاطَةُ مَا عَلَى جَسَدِهِ مِنَ الدِّمَاءِ وَالأَقْذَارِ ، قَالَ : وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : وَتُمَاطُ عَنْهُ أَقْذَارُهُ ، رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ ، قَالَ : وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأَوْسَطِ : سَبْعَةٌ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّبِيِّ : يَوْمَ السَّابِعِ وَفِيهِ وَيُمَاطُ عَنْهُ الأَذَى ، ثُمَّ قَالَ : وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ . فَجَعَلَ إمَاطَةَ الأَذَى غَيْرَ حَلْقِ الرَّأْسِ ، قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . انْتَهَى . فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَغْسِيلِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ السَّابِعِ ، وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، حَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَعْلَمَ مَا مَعْنَى : أَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يُخْبِرُنِي . الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّصَدُّقِ بِزِنَةِ شَعْرِهِ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ : زِنَتُهُ فِضَّةً ، لِقَوْلِهِ فِي بَقِيَّتِهِ فَوَزَنَاهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا ، وَفِي رِوَايَةٍ : أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ ، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ مَالِكٌ ، وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَغَيْرُهُمَا ، مُرْسَلا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعْرَ : حَسَنٍ ، وَحُسَيْنٍ ، وَزَيْنَبَ ، وَأُمِّ كُلْثُومٍ ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ ، مَرْفُوعًا ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَ فَاطِمَةَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِ الْحُسَيْنِ فِضَّةً " وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ضَعِيفَةٍ أَيْضًا : تَصَدَّقُوا بِزِنَتِهِ فِضَّةً " . وَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ ، وَقَدْ تَرَدَّدَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي أَنَّهُ هَلْ يَتَصَدَّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ ذَهَبًا ؟ فَكَرِهَهُ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى ، كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ لابْنِ شَاسٍ ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي كَرَاهَةِ التَّصَدُّقِ بِزِنَةِ شَعْرِ الْمَوْلُودِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً ، قَوْلانِ ، وَجَزَمَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِاسْتِحْبَابِ التَّصَدُّقِ بِزِنَتِهِ ، لَكِنْ جَزَمَ الْحَنَابِلَةُ بِالْفِضَّةِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يَتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَفِضَّةٌ ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ ، كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى التَّصَدُّقِ بِزِنَتِهِ فِضَّةً ، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ، ذِكْرُ الذَّهَبِ خِلافَ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا . قُلْت : قَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الذَّهَبِ أَيْضًا ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأَوْسَطِ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : سَبْعَةٌ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّبِيِّ يَوْمَ السَّابِعِ . فَذَكَرَهَا إلَى قَوْلِهِ : وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِ رَأْسِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً . الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ : عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَأَمَرَ أَنْ يُمَاطَ عَنْ رُءُوسِهِمَا الأَذَى ، إشَارَةٌ إلَى تَقْدِيمِ الْعَقِيقَةِ عَلَى حَلْقِ الرَّأْسِ ، لِأَنَّ الْمَقْرُونَ بِالْعَقِيقَةِ الأَمْرُ ، فَالْمَأْمُورُ بِهِ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الأَمْرِ ، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى طَرِيقِ الاسْتِحْبَابِ ، مِنْهُمْ : أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ ، وَالْبَغَوِيُّ ، وَالْجُرْجَانِيُّ ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ : إنَّهُ أَرْجَحُ ، وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ قَبْلَ الذَّبْحِ ، وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ ، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، وَيَدُلُّ لِلأَوَّلِ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ سَمُرَةَ : يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ ثُمَّ يُحْلَقُ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ . الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : أَيْ مُتَسَاوِيَتَانِ ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِهَمْزَةٍ بَعْدَهَا ، هَكَذَا صَوَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ ، قَالَ : وَيَقُولُ الْمُحَدِّثُونَ : مُكَافَأَتَانِ ، يَعْنِي : بِفَتْحِ الْفَاءِ ، وَالصَّحِيحُ كَسْرُهَا . انْتَهَى . وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ : مُكَافِئَتَانِ ، يَعْنِي : مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي السِّنِّ ، أَيْ لا يُعَقُّ عَنْهُ إلا بِمُسِنَّةٍ ، وَأَقَلُّهُ أَنْ يَكُونَ جَزَعًا كَمَا فِي الضَّحَايَا ، وَقِيلَ : مُكَافِئَتَانِ ، أَيْ : مُسْتَوِيَتَانِ ، أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ ، وَاخْتَارَ الْخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ ، وَاللَّفْظَةُ مُكَافِئَتَانِ بِكَسْرِ الْفَاءِ ، قَالَ : وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ : مُكَافَأَتَانِ بِالْفَتْحِ ، وَأَرَى الْفَتْحَ أَوْلَى ، لِأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا ، أَوْ مُسَاوًى بَيْنَهُمَا ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَذْكُرَ أَيَّ شَيْءٍ سَاوَيَا ، وَإِنَّمَا لَوْ قَالَ : مُتَكَافِئَتَانِ ، كَانَ الْكَسْرُ أَوْلَى ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَافِئَتَيْنِ ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ إذَا كَافَأَتْ أُخْتَهَا فَقَدْ كُوفِئَتْ ، فَهِيَ مُكَافِئَةٌ وَمُكَافَأَةٌ ، أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ مُعَادِلَتَانِ ، لِمَا يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ وَالأُضْحِيَّةِ مِنَ الأَسْنَانِ ، وَيَحْتَمِلُ مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَادَ مَذْبُوحَتَانِ مِنْ كَافَأَ الرَّجُلُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ ، إذَا نَحَرَ هَذَا ثُمَّ هَذَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ يَذْبَحُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ . انْتَهَى كَلامُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ آخِرًا مُوَافِقٌ لِمَا حَكَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ مَعْنَى مُكَافَأَتَانِ ، أَيْ : تُذْبَحَانِ جَمِيعًا ، وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيّ ، قَالَ دَاوُد بْنُ قَيْسٍ : سَأَلْت زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ عَنْ الْمُكَافَأَتَيْنِ ، فَقَالَ : الشَّاتَانِ الْمُشْتَبِهَتَانِ يُذْبَحَانِ جَمِيعًا ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ ، وَابْنِ حِبَّانَ ، وَالْبَيْهَقِيِّ ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا الْمُكَافَأَتَانِ ؟ قَالَ : الْمِثْلانِ , وَقَالَ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، الْمُكَافَأَتَانِ الْمُتَسَاوِيَتَانِ أَوِ الْمُتَقَارِبَتَانِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ تَسَاوِيهِمَا فِي السِّمَنِ وَنَحْوِهِ ، وَحِكْمَتُهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ النَّاسُ فِي الأَكْلِ ، فَلا يَأْكُلُ بَعْضُهُمُ الطَّيِّبَ وَبَعْضُهُمْ الرَّدِيءَ ، فَهَذِهِ احْتِمَالاتٌ ، هَلِ الْمُرَادُ تَكَافُؤُهُمَا فِي السِّنِّ أَوْ فِي السِّمَنِ ، أَوْ مُكَافَأَتُهُمَا لِبَقِيَّةِ مَا شُرِعَ ذَبْحُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ ، أَوْ ذَبْحُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : قَوْلُهُ " لا يَضُرُّكُمْ أَذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إنَاثًا " أَيْ إنَّ الْمَذْبُوحَ تَحْصُلُ بِهِ سُنَّةُ الْعَقِيقَةِ ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثًى ، وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ بِذَلِكَ ، لَكِنْ قَالُوا : إنَّ الأَفْضَلَ الذَّكَرُ كَالأُضْحِيَّةِ ، وَلا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَوْلُودِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لا يَخْتَلِفُ بِذُكُورَةِ الْمَوْلُودِ وَأُنُوثَتِهِ ، لِأَنَّهُ لا يُقَالُ فِي الذُّكْرَانِ مِنَ الْعُقَلاءِ كُنَّ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : كَانُوا بِخِلافِ غَيْرِ الْعُقَلاءِ ، فَإِنَّهُ لا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لا مَعَ الذُّكُورَةِ وَلا مَعَ الأُنُوثَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : فِيهِ النَّهْيُ عَنْ كَسْرِ عِظَامِ الْعَقِيقَةِ ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ التَّفَاؤُلُ بِسَلامَةِ أَعْضَاءِ الْمَوْلُودِ ، وَبِهَذَا قَالَ : الشَّافِعِيَّةُ ، وَالْحَنَابِلَةُ ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ عَائِشَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ لا بَأْسَ بِذَلِكَ ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : إنَّ ذَلِكَ خِلافُ الأَوْلَى فَقَطْ ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَتِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لا يُكْرَهُ , وَعَلَّلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ , وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ النَّهْيَ الصَّرِيحَ قَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَصَحَّحَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَلَعَلَّ النَّوَوِيَّ لا يُوَافِقُ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ : لَمْ يَصِحَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ كَسْرِ عِظَامِهَا شَيْءٌ . السَّابِعَةَ عَشْرَةَ : قَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ : وَيُدَمَّى ، وَإِنَّ قَتَادَةَ رَاوِيهِ ذَكَرَ صِفَةَ التَّدْمِيَةِ ، وَأَنَّ أَبَا دَاوُد حَكَمَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْوَهْمِ , وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : تُكُلِّمَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ الَّذِي فِيهِ وَيُدَمَّى ، وَانْتَصَرَ ابْنُ حَزْمٍ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَيُثْبِتُهَا ، وَقَالَ : لا بَأْسَ أَنْ يُمَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِ الْعَقِيقَةِ , وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ الْحَسَنِ ، وَقَتَادَةَ ، ثُمَّ قَالَ : وَأَنْكَرَ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ وَكَرِهَهُ , وَمِمَّنْ كَرِهَهُ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُخَضِّبُونَ قُطْنَةً بِدَمِ الْعَقِيقَةِ ، فَإِذَا حَلَقُوهُ وُضِعَ عَلَى رَأْسِهِ ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا " ، وَثَبَتَ ، أَنَّهُ قَالَ : " أَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى " ، فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِإِمَاطَةِ الأَذَى عَنْهُ ، وَالدَّمُ أَذًى وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الأَذَى ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُنَجَّسَ رَأْسُ الصَّبِيِّ . انْتَهَى . وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، وَغَيْرُهُمَا . وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الَّذِي فِيهِ جَعْلُ الزَّعْفَرَانِ بَدَلَ الدَّمِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ : أَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ حَلْقَ الرَّأْسِ ، وَالنَّهْيَ عَنْ أَنْ يُمَسَّ رَأْسُهُ بِدَمِهَا ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ ، رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدٍ الْمُزَنِيّ ، مُرْسَلا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يُعَقُّ عَنِ الْغُلامِ وَلا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ " ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ بِزِيَادَةٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أُمِّ كُرْزٍ

صحابي

ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

أَنَسٍ

صحابي

عَائِشَةَ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.