حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ من أهل الحديث ثقة ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ لِي ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى سورة طه آية 5 ، كَيْفَ اسْتَوَى ؟ قَالَ : فَمَا رَأَيْنَا مَالِكًا وَجَدَ مِنْ شَيْءٍ كَوَجْدِهِ مِنْ مَقَالَتِهِ ، وَعَلاهُ الرُّحَضَاءُ ، وَأَطْرَقَ ، وَجَعَلْنَا نَنْتَظِرُ مَا يَأْمُرُ بِهِ فِيهِ ، قَالَ : ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ مَالِكٍ ، فَقَالَ : " الْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ ، وَالاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَجْهُولٍ ، وَالإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ ، وَإِنِّي لأَخَافُ أَنْ تَكُونَ ضَالا ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ " . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَصَدَقَ مَالِكٌ ، لا يُعْقَلُ مِنْهُ كَيْفٌ ، وَلا يُجْهَلُ مِنْهُ الاسْتِوَاءُ ، وَالْقُرْآنُ يَنْطِقُ بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ ، فَهَذِهِ الأَشْيَاءُ الَّتِي اقْتَصَصْنَا فِي هَذَا الْبَابِ ، قَدْ خَلَصَ عِلْمُ كَثِيرٍ مِنْهَا إِلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ، وَنَطَقَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَصَدَّقَتْهُ الآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي يَشْكُلُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ ، إِلا عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ الْمُلْحِدَةِ فِي آيَاتِ اللَّهِ ، لَمْ يَزَلِ الْعُلَمَاءُ يَرْوُونَ هَذِهِ الآثَارَ ، وَيَتَنَاسَخُونَهَا ، وَيُصَدِّقُونَ بِهَا عَلَى مَا جَاءَتْ ، حَتَّى ظَهَرَتْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ ، فَكَذَّبُوا بِهَا أَجْمَعَ ، وَجَهَّلُوهُمْ ، وَخَالَفُوا أَمْرَهُمْ ، خَالَفَ اللَّهُ بِهِمْ ، ثُمَّ مَا قَدْ رُوِيَ فِي ، قَبْضِ الأَرْوَاحِ ، وَصُعُودِ الْمَلائِكَةِ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ ، وَمَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِصَّتِهِ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ ، فَعُرِجَ بِهِ إِلَى سَمَاءٍ بَعْدَ سَمَاءٍ ، حَتَّى انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا عِلْمُ الْخَلائِقِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ، وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَكَانٍ كَمَا يَزْعُمُ هَؤُلاءِ ، مَا كَانَ لِلإِسْرَاءِ وَالْبُرَاقِ وَالْمِعْرَاجِ إِذًا مِنْ مَعْنًى ، وَإِلَى مَنْ يُعْرَجُ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَهُوَ بِزَعْمِكُمُ الْكَاذِبِ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ فِي الأَرْضِ ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سِتْرٌ ، تَبَارَكَ اسْمُهُ ، وَتَعَالَى عَمَّا تَصِفُونَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |