اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق احيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفا...


تفسير

رقم الحديث : 27

حَدَّثَنِي عَمِّي حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيِّ ، قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَا رَأَى مِنْ خُذْلانِهِمْ ، فَقَالَ : يَا أُمَّهْ ، خَذَلَنِي النَّاسُ ، حَتَّى وَلَدِي وَأَهْلِي ، فَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا الْيَسِيرُ مِمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الدَّفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ سَاعَةٍ ، وَالْقَوْمُ يُعْطُونَنِي مَا أَرَدْتُ مِنَ الدُّنْيَا ، فَمَا رَأْيُكِ ؟ قَالَتْ : أَنْتَ وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِنَفْسِكَ يَا بُنَيَّ ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ وَإِلَيْهِ تَدْعُو فَامْضِ لَهُ ، فَقَدْ قُتِلَ عَلَيْهِ مَنْ مَضَى مَنْ أَصْحَابِكَ ، وَلا تُمَكِّنْ مِنْ رَقَبَتِكَ يَتَلَعَّبُ بِهَا غِلْمَانُ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا ، فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنْتَ ، أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ ، وَأَهْلَكْتَ مَنْ قُتِلَ مَعَكَ ، وَإِنْ قُلْتَ : كُنْتُ عَلَى حَقٍّ فَلَمَّا وَهَنَ أَصْحَابِي ضَعُفَتْ نِيَّتِي ، فَكُلُّ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الأَحْرَارِ ، وَلا أَهْلِ الدِّينِ ، كَمْ خُلُودُكَ يَا بُنَيَّ فِي الدُّنْيَا ؟ الْقَتْلُ أَحْسَنُ . فَدَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَبَّلَ رَأْسَهَا ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا وَاللَّهِ رَأْيِي وَعَزْمِي ، وَالَّذِي هَمَمْتُ بِهِ دَاعِيًا إِلَى يَوْمِي هَذَا ، وَمَا رَكَنْتُ إِلَى الدُّنْيَا ، وَلا أَحْبَبْتُ الْحَيَاةَ فِيهَا ، وَمَا دَعَوْتُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلا الْغَضَبُ لِلَّهِ أَنْ تُسْتَحَلَّ حُرَمُهُ ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ رَأْيَكِ ، فَزِدْتِنِي قُوَّةً وَبَصِيرَةً مَعَ بَصِيرَتِي ، فَانْظُرِي يَا أُمَّهْ ، فَإِنِي مَقْتُولٌ مِنْ يَوْمِي هَذَا أَنْ لا يَشْتَدَّ جَزَعُكِ عَلَيَّ ، وَسَلِّمِي لِأَمْرِ اللَّهِ ، فَإِنَّ ابْنَكِ لَمْ يَتَعَمَّدْ إِتْيَانَ مُنْكَرٍ ، وَلا عَمِلَ بِفَاحِشَةٍ ، وَلَمْ يَجُرْ فِي حُكْمٍ ، وَلَمْ يَغْدِرْ فِي أَمَانٍ ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ ظُلْمَ مُسْلِمٍ ، وَلا مُعَاهِدٍ ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُمَّالِي سُوءٌ فَرَضِيتُهُ ، بَلْ أَنْكَرْتُهُ ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ عِنْدِي آثَرَ مِنْ رِضَا رِبِّي ، اللَّهُمَّ لا أَقُولُ هَذَا تَزْكِيَةً لِنَفْسِي ، أَنْتَ أَعْلَمُ بِي ، وَلَكِنِّي أَقُولُهُ تَعْزِيَةً لأُمِّي لِتَسْلُوَ عَنِّي . فَقَالَتْ أُمُّهُ : إِنِّي لَأَرْجُو مِنَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ عَزَائِي عَنْكَ حَسَنًا ، إِنْ تَقَدَّمْتَنِي أَوْ تَقَدَّمْتُكَ ، فَفِي نَفْسِي حَرَجٌ حَتَّى أَنْظُرَ إِلامَ يَصِيرُ إِلَيْهِ أَمْرُكَ ؟ فَقَالَ : جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا يَا أُمَّهْ ، فَلا تَدَعِي الدُّعَاءَ قَبْلِي وَبَعْدِي ، فَقَالَتْ : لا أَدْعُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَبَدًا ، فَمَنْ قُتِلَ عَلَى بَاطِلٍ ، فَقَدْ قُتِلْتَ عَلَى حَقٍّ . ثُمَّ قَالَتْ : اللَّهُمَّ ارْحَمْ طُولَ ذَلِكَ الْقِيَامِ فِي اللَّيْلِ الطَّوِيلِ ، وَذَاكَ النَّحِيبَ وَالظَّمَأَ فِي هَوَاجِرِ الْمَدِينَةِ ، وَمَكَّةَ ، وَبِرَّهُ بِأَبِيهِ وَبِي ، اللَّهمَّ إِنِّي سَلَّمْتُ فِيهِ لأَمْرِكَ ، وَرَضِيتُ بِمَا قَضَيْتَ ، فَأَثَبْنِي فِي عَبْدِ اللَّهِ ثَوَابَ الشَّاكِرِينَ الصَّابِرِينَ . ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِا ، وَلَبِسَ دِرْعًا وَمَغْفَرًا ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ دَنَا ، فَتَنَاوَلَ يَدَهَا وَقَبَّلَهَا ، فَقَالَتْ : هَذَا وَدَاعٌ ، فَلا تَبْعِدْ إِلا مِنَ النَّارِ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنَّمَا جِئْتُ مُوَدِّعًا يَا أُمَّهْ ، إِنِّي لَأَرَى هَذَا آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا يَمُرُّ بِي ، اعْلَمِي يَا أُمَّهْ : إِنِّي إِنْ قُتِلْتُ فَإِنَّمَا أَنَا لَحْمٌ ، مَا يَضُرُّنِي مَا صُنِعَ بِي . قَالَتْ : صَدَقْتَ . ثُمَّ قَالَتْ : يَا بُنَيَّ أَتْمِمْ عَلَى بَصِيرَتِكَ ، وَلا تُمُكِّنْ بَنِي أَبِي عَقِيلٍ مِنْكَ ، وَادْنُ مَنِّي حَتَّى أُوَدِّعُكَ ، فَدَنَا مِنْهَا فَعَانَقَهَا ، وَقَالَتْ : حَيْثُ وَجَدْتُ مَسَّ الدِّرْعِ : مَا هَذَا صَنِيعُ مِنْ يُرِيدُ مَا تُرِيدُ . فَقَالَ : مَا لَبِسْتُ هَذَا الدِّرْعَ إِلا لأَشُدَّ مِنْكِ . فَقَالَتْ : إِنَّهُ لا يَشُدُّ مَنِّي بِلْ يُخَالِفُنِي . فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ عِنْدَهَا ، فَنَزَعَ دِرْعَهُ ، وَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِتَالِ ، وَهُوَ يَقُولُ : إِنِّي إِذَا أَعْرِفُ يَوْمًا أَصْبِرُ إِذَ بَعْضُهُمْ يَعْرِفُ ثُمَّ يُنْكِرُ فَفَهِمَتْ أُمُّهُ قَوْلَهُ ، فَقَالَتْ : تَصْبِرُ وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَبُوكَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ ، وَأُمُّكَ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . ثُمَّ لاقَاهُمْ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ مَرَّةٍ فَهَزَمَهُمْ ، حَتَّى قُتِلَ قَالَ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ : فَمَا مَكَثَتْ بَعْدَهُ إِلا عَشْرًا حَتَّى تُوُفِّيَتْ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.