وأخبرني أمير الْمُؤْمِنِين المتوكل رحمه اللَّه ، قَالَ : سمعت شيخا من مشايخ بني صالح بْن علي بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس ، يحدث أمير الْمُؤْمِنِين المعتصم ، بالله رحمه اللَّه سنة غزا عمورية ، قَالَ : لما ورد العَبَّاس بن زفر الهلالي حلب لإغاثة الهاشميين ناداه نسوة منهم يا خال نحن بالله ، ثم بك فقال لا خوف عليكم إن شاء اللَّه خذلني اللَّه إن خذلتكم ، قَالَ : وكان حيار بني القعقاع بلدا معروفا قبل الإِسْلام ، وبه كان مقيل المنذر بْن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة ، فنزله بنو القعقاع بْن خليد بْن جزء بْن الحارث بْن زهير بْن جذيمة بْن رواحة بْن ربيعة بْن مازن بْن الحارث بْن قطيعة بْن عبس بْن بغيض ، فأوطنوا فنسب إليهم . وكان عَبْد الملك بْن مروان أقطع القعقاع به قطيعة ، وأقطع عمه العَبَّاس بْن جزء بْن الحارث قطائع ، أوغرها له إِلَى اليمن ، فأوغرت بعده وكانت أو أكثرها مواتا ، وكانت ولادة بنت العَبَّاس بْن جزء عند عَبْد الملك ، فولدت له الوليد وسُلَيْمَان ، قَالُوا : ورحل أَبُو عُبَيْدة إِلَى حلب ، وعلى مقدمته عياض بْن غنم الفهري ، وكان أبوه يسمى عَبْد غنم ، فلما أسلم عياض كره أن يقال عَبْد غنم ، فقال أنا عياض بْن غنم ، فوجد أهلها قَدْ تحصنوا ، فنزل عليها ، فلم يلبثوا أن والأمان عَلَى أنفسهم وأموالهم وسور مدينتهم ، وكنائسهم ومنازلهم والحصن الَّذِي بها ، فأعطوا ذلك فاستثنى عليهم موضع المسجد ، وكان الَّذِي صالحهم عَلَيْهِ عياض ، فأنفذ أَبُو عُبَيْدة صلحه ، وزعم بعض الرواة أنهم صالحوا عَلَى حقن دمائهم ، طلبوا الصلح وأن يقاسموا أنصاف منازلهم وكنائسهم ، وقال بعضهم أن أَبَا عُبَيْدة لم يصادف بحلب أحدا ، وذلك أن أهلها انتقلوا إِلَى انطاكية ، وأنهم إنما صالحوه عن مدينتهم وهم بانطاكية راسلوه في ذلك ، فلما تم صلحهم رجعوا إِلَى حلب قَالُوا وسار أَبُو عُبَيْدة من حلب إِلَى انطاكية وقد تحصن بها خلق من أهل جند قنسرين ، فلما صار بمهروية وهي عَلَى قريب فرسخين من مدينة انطاكية لقيه جمع للعدو ، ففضهم وألجأهم إِلَى المدينة وحاصر أهلها من جميع أبوابها ، وكان معظم الجيش عَلَى باب فارس والباب الَّذِي يدعى باب البحر ، ثُمَّ أنهم صالحوه عَلَى الجزية والجلاء ، فجلا بعضهم وأقام بعضهم فأمنهم ووضع عَلَى كل حالم منهم دينارا وجريبا ، ثُمَّ نقضوا العهد فوجه إليهم أَبُو عُبَيْدة عياض بْن غنم ، وحبيب بْن مسلمة ففتحاها عَلَى الصلح الأول ويقال : بل نقضوا بعد رجوعه إِلَى فلسطين فوجه عَمْرو بْن العاص من إيلياء ، ففتحها ثُمَّ رجع فمكث يسيرا حَتَّى طلب أهل إيلياء الأمان والصلح والله أعلم .
الأسم | الشهرة | الرتبة |