وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ : وَجَّهَنِي مُعَاوِيَةُ إِلَى مَلَكِ الرُّومِ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ دُونَ مَجْلِسِهِ ، فَكَلَّمَنِي بِالْعَرَبِيَّةِ فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَنَا رَجُلٌ غَلَبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ ، أَنَا جَبَلَةُ بْنُ الأَيْهَمِ ، إِذَا صِرْتَ إِلَى مَنْزِلِي فَأَلْقِنِي . فَلَمَّا انْصَرَفَ وَانْصَرَفْتُ ، أَتَيْتُهُ فِي دَارِهِ ، فَأَلْفَيْتُهُ عَلَى شَرَابِهِ ، وَعِنْدَهُ قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِهِ بِشِعْرِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ قَدْ عَفَا جَاسِمٌ إِلَى بَيْتِ رَأْسٍ فَالْحَوَانِي فَجَانِبُ الْجُولانِ وَذَكَرَ الأَبْيَاتَ . فَلَمَّا فَرَغَتَا مِنْ غِنَائِهِمَا أَقْبَلَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ : مَا فَعَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ ؟ قُلْتُ : شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ عُمِيَ ، فَدَعَا بِأَلْفِ دِينَارٍ فَدَفَعَهَا إِلَيَّ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَرَى صَاحِبُكَ يَفِي لِي إِنْ خَرَجْتُ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : قُلْ مَا شِئْتِ أَعْرِضُهُ عَلَيْهِ . قَالَ : يُعْطِينِي الثَّنِيَّةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ مَنَازِلَنَا ، وَعِشْرِينَ قَرْيَةً مِنَ الْغُوطَةِ مِنْهَا دَارِيَّا وَسَكَّاءَ ، وَيَفْرِضُ لِجَمَاعَتِنَا وَيُحْسِنُ جَوَائِزَنَا . قَالَ : قُلْتُ : أُبْلِغُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ : وَدَدْتُ أَنَّكَ أَجَبْتَهُ إِلَى مَا سَأَلَ فَأَجَزْتُهُ لَهُ . وَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يُعْطِيهِ ذَلِكَ ، فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ . قَالَ : وَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ، فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَقِيتُ حَسَّانًا ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا الْوَلِيدِ صَدِيقُكَ جَبَلَةُ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ . فَقَالَ : هَاتِ مَا مَعَكَ . قُلْتُ : وَمَا عِلْمُكَ أَنَّ مَعِيَ شَيْئًا ، قَالَ : مَا أَرْسَلَ إِلَيَّ بِالسَّلامِ قَطُّ إِلا وَمَعَهُ شَيْءٌ . قَالَ : فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْمَالَ .